يعتبر افتتاح قناة السويس الجديدة بمثابة عبور جديد لمصر، ولكن هذه المرة ليس لمواجهة العدو الصهيونى فحسب، بل لمواجهة تحطيم الإرادة وتدمير الأمل والإرهاب.
من سنين عديدة، ومصر كانت مطمع الغزاة من كل أنحاء العالم.. مصر مرت بالكثير من الأيام الصعبة فى ظل الاحتلال والحروب.. سؤال دائمًا يراودنى: لماذا مصر؟!
ـ هل بسبب موقعها الاستراتيجى؟
ـ هل لطبيعة ارضها والخيرات التى اراضى الدلتا؟
ـ هل لقوتها فى المنطقة؟
أعتقد أن الإنسان المصرى والعقلية المصرية هى المطمع الرئيسى للأعداء، زيادة على الموقع والموارد والثقل السياسى.
العقل والإرادة المصرية أثبتت أنه لا مستحيل عند المصرى، وهذا واقع نشهده جميعا ونلمسه فى المصريين المهاجرين، حيث إنهم يتميزون دائمًا، عندما تتاح لهم الفرصة فى أجواء منظمة.
والعبور هو بمثابة الخلاص منذ قديم الأزل، بدأت بعبور موسى النبى باليهود (شعب الله المختار حينذاك)، عبر البحر الأحمر، وتخليصهم من قبضة فرعون.
العبور الثانى كان عبور جيشنا الباسل فى حرب ٧٣ للقناة، وتحطيم خط بارليف المنيع، بفكرة عبقرية وبسيطة جدًا، لكنها لاتخطر على ذهن أحد، واستطاعت قواتنا المسلحة بأبسط الامكانيات تحطيم أكبر حصن منيع فى منطقة الشرق الاوسط حينها، وأذابت تلًّا من التراب بمضخات المياه.
شخصيا اعتبر افتتاح القناة الجديدة ، عبور ثالث لنا فى العصر الحديث، وأثبتت مصر للعالم أجمع، أننا قادرون على تحقيق المستحيل، واثقون فى قياداتنا ومخلصون لوطننا، وقادرون على استخدام ما هو متاح وتوظيفه لنصرة الوطن.
هذه المرة اختلف تعريف العبور ، من العبور المادى فقط إلى العبور المعنوى، حيث عبرت مصر بشعبها من خراب ودمار كان متربصًا بها، ونجت من تهديد الإرهاب و الدول الممولة له.
عبر الرئيس عبد الفتاح السيسى بالمصريين إلى حقبة جديدة ومميزة فى تاريخ مصر الحديث.
كانت القناة دائما هى مصدر فخر للمصريين، حينما حفرنا القناة الأولى، واكتملت الهدية بحفر القناة الجديدة.
ولكن ماذا بعد العبور؟
لابد أن نتعلم من التاريخ حتى لا نكرر أى أخطاء، ففى عبور سيدنا موسى بأمته اليهود، وبعد العبور الإعجازى بانشقاق البحر الأحمر إلى نصفين، قرر الشعب اليهودى بعد أن تاهوا فى البرية أن يعبدوا عجلًا ذهبيًا ـ أى صنمًا ـ ناكرين فضل الله عليهم، ومن هنا سقطوا وحُرم هذا الجيل بأكمله من دخول أرض الموعد، وتاهوا فى برية سيناء ٤٠ سنة (حسب التقليد اليهودى)، حتى مات هذا الجيل بأكمله.
أما فى عبور قواتنا المسلحة فى حرب ٧٣، فكان لابد ان تدخل مصر بعدها فى مشروعات قومية تتيح لها ، مواكبة التطور الحضارى وقتها، ولكن رغم كل الايجابيات التى شهدتها مصر حينها، الا انها لم تشهد نقلة نوعية فى الاقتصاد والتنمية المصرى، رغم حالة التلاحم بين طوائف الشعب حينها.
لذلك لابد أن نستخدم فرحة وزخم القناة الجديدة لتنفيذ مشروعات أكثر وأكبر، للنهوض ببلدنا الحبيبة مصر، اقتصاديا وعسكريا واستغلال المناخ العام المتفائل ، ونسأل الله أن يعبر بمصر إلى بر الأمان من كل خطر، ومن كل شر أو ضرر.. حفظ الله مصر وشعبها وتحيا مصر.. تحيا مصر