التاريخ : الأربعاء 08 يناير 2014 10:58:22 صباحاً
وقف شارداً مهموماً وسط غرفته واسعة المساحة ضيقة الروح والأفق، مسح التراب المتراكم على حافة مكتبه تاركاً بصمة يديه.. أخذ يحلق نظره فى سقفها العتيق الكيئب، غلق النوافذ، أحكم غلقها.. سأل نفسه فى دهشة يغمرها الشجن كيف أبقى فى هذه الغرفة التى مُزجت بالغبار؟!، رائحة الغبار تفوح بجلدها، بعظامها، تختلط بدمها، تطبق على صدرها.. وصدره أيضاً.
ثمة علاقة وطيدة بين هذه الغرفة والغبار، ربما بين صاحب الغرفة والغبار.. بهذا يُحدث نفسه.. ينظر إلى الحائط المُزين باللوحات النمطية المغطاه بالتراب عديمة الحس فى يقينه، يٌتمتم بكلمات قد ثقلت مخارجها فهى تخرج من صدره لا من فمه.. فجأة يخرج عن وقاره، يضرب بعزم يديه سطح المكتب، يتطاير الغبار فى الهواء، يعلو صوته.. أكلما أزحت غُبارك جاءكى ريح يأس عاتيه أزادت الغُبار غبار!.
هدأ ثانية.. ضاقت به جلسته، قام وترجل بين أحشاء غرفته، وقف عند كل ركن برهه، تذكر ذكرى آلمته وغبار عصف به.. هنا اجتحانى اليأس، وهنا تغلبت عليه، هنا ابتسمت بحلاوة روح رغم الوجع، وهنا ضكت فرحاً، وهنا بكيت حزناً، وهنا وهنا وهنا.. ظل يترجل ويتذكر حتى وقف أمام مكتبته التى تعج بالكتب، اسند يده عليها كوقفة قائد يحتفى بجنوده ونظر للغرفه أمامه فى توعد وتحدى وتنهد قائلاً : سأنفُض عنى غبارها يوماً ما..
ولنا لقاء مادام لرزق الكلمة بقاء..
|