التاريخ : الخميس 09 يناير 2014 07:37:17 مساءً
هناك عِدة أشياء عليك أن تنتبه لها جيداً إذا كنت تود أن تحتفظ بعلاقة جيدة، مستقرة بالآخر ..
أولها، أن تدرك أن للبشر قدرة محدودة على الإحتمال و العطاء. فلا تتصور أن بإمكانك أن تنعم بذات التضحيات مِن نفس الأشخاص مدى الحياة مهما بلغ حبهم و إيثارهم لك. إتبع المثل الشعبى الشهير الذى يقول مطلعه (إن كان حبيبك عسل ...) لأنك لو إستنفذت رصيدك فى نفوسهم، ستفاجأ بتغير جذرى فى معاملتهم، و ربما ينعكس سيل التضحيات تماماً و تستحيل المودة التى تلقاها منهم بغضاً و عنفاً، لا لشىء سوى لأنك لم ترفع قدمك عن (دواسة) البنزين، و تصر على ذلك إصراراً رغم نفاذ الوقود!
و ثانيها، أن تضع نفسك دائماً مكان الأخر و تحاول أن تتفهم دوافعه و إحتياجاته. لا تكن أنانياً، وحيد العين كالمسخ لا ترى سوى مصلحتك. و ضع فى إعتبارك أن بعض البشر مرهفو الحِس، شديدو الحياء، لا يبوحون بآلامهم مهما إشتدت، فلا تكن أنت و تلك الآلام عليهم، و لا تقتنص منهم تضحيات بسيف الحياء هذا، لأن النهاية الأكيدة لذلك هى وصولهم للمآل الذى ذكرته لك أعلاه. فتعلم أن تعطى مثلما تأخذ، و تعلم أن تقدر و تعذر كما تطلب من الغير ان يقدروا و يعذروا.
و ثالثها، أن تعلم بأن سمة الحياة الدنيا التغير، و ليس البشر بإستثناء. الناس تَمِل، و القلوب تتقلب، و الصدر يضيق بعد إتساع، و الصبر ينفذ مع الزمن، و الصغير يكبر، و العقول تنضج و أحياناً تخف! .. فلا تتفاجأ قط. و مِن الأفضل ألا تسند حياتك و أحلامك كلها على كتف أحدهم مهما بلغ حبه لك و ثقتك به، لأنه حتماً سيتحرك! .. و يُسقِط أغراضك المسنوده عليه! .. إن لم يكن اليوم، فغداً .. و إن لم يكن بإرادته لسبب ما، فرغماً عنه بالحقيقة الحتمية التى نتناساها جميعاً: بالموت!
و رابعها، أن تجد مقياساً ملائماً لأن تجامل، و تحضر فى الشدائد، و تمد يد العون شريطة ألا تظلم نفسك أو تجور على راحتك. إنك إن فعلت فى موقف عابر أو ظرف إستثنائى، فلا بأس، سيقدر لك الآخر ذلك و سيطوق به عنقه جميلاً على أغلب الظن، و ستفرح أنت بنفسك و ترضى عنها، لكن لا تتمادى، و لا تحول الإستثناء لقاعدة، لأن ذلك – على المدى الطويل – يؤدى بك إلى ما ذكرته لك آنفاً: لأن تَمِل، و تضيق ذرعاً، و ربما تكره الآخر لأنه غالباً ما يستعذب إستنزاف تضحياتك تلك و يعتبرها بمرور الوقت حقه المُكتسب.
هذه الروشتة البسيطة ليست مانعة جامعة .. و تحتمل الإضافة و الحذف لتتكيف مع كل حالة على حِده و تلائم خصوصيتها و إختلاف معطياتها .. لكنها تضمن لك فى المجمل العام – على ما أظن – حد أدنى من العلاقات الجيدة بالآخرين دون إفراط و لا تفريط.
|