الثلاثاء 30 مايو 2023 - 07:43 صباحاً  

sg

مطعم وكوفى شوب القرية النوبية

مطبخ سماح

حديث الصور - البلد اليوم

عبد الرازق الشاعر


من يكتفي؟

د.منى النموري


إكتشافات السنين لأم أربعة وأربعين

أيمن أبو العز


تغريدات فلسفية (10)

د. مروه نعيم


أضغاث أحلام (5)

كريم علي


  بين الشيطنة والملائكية

عبد العظيم درويش.


  المعاشات.. «خط أخضر» دائماً!

أحمد الصاوى


  عاشت حرية الرأى

حسام عبد العزيز


  الحلول الغائبة !

 

 

Flag Counter

هل تتوقع تراجع الأسعار في الأسواق مع توفير مستلزمات الانتاج؟

  الأسعار لا تتراجع في مصر بعد زيادتها

  نعم ستتراجع بسبب توفير مستلزمات الانتاج

  غير مهتم


نتائج

 

أضف  البريد الالكتروني :
 
 

 
 
 

فى بيتنا رجل

د. مروه نعيم

 

التاريخ : الخميس 09 يوليو 2015 04:14:29 مساءً

إنها واحدة مِن عشرات القصص الآسِرة، المؤثرة، التى كانت فى جعبة جدتى. و الان و قد رحلت، و رحل معها معظم أبطال قصصها، و طوت الأيام اللئام زمانهم الجميل، لم يبقى لى سوى صدى صوتها الدافىء فى أذنى؛ يقُص علىَ حواديتها بإسلوبها البديع و المميز. 
 
محض إجراء يائس أتخذه بغرض التخفيف مِن قسوة الحياة و مرارة أحداثها. 
 
كان جدى لأمى - رحمه الله رحمة واسعة - يعمل مهندساً بالمساحة .. و كان أغلب عمله ببلطيم – المولع بمكوناتها الطبيعية و البشرية – هذا يفسر عشقى لهذا البلد؛ فهو على ما يبدو قانون وراثى مطبوع على الجينات. كان عمله يقتضى الذهاب إليها أكثر من غيرها إما للفصل فى النزاعات على حدود الأراضى، أو لرسم خرائط حدودية دورية لساحلنا الشمالى؛ إذ دأب البحر على تغيير ملامح إقامته كل عام بإلتهام أجزاء من الشاطىء و ترسيب أجزاء أخرى من الرمال، فيما عُرِفَ بظاهرة النحر.
 
و فى إحدى تلك المهام عقب حرب 1967، فوجئت الأسرة أنه عاد من بلطيم مصطحباً طياراً؛ ممزق الزى العسكرى؛ تبدو عليه علامات الإجهاد الشديد .. إستفسرت جدتى عن أمر هذا الغريب، فأخبرها جدى أنه طيار مصرى وجده فى مكان غير مأهول بالشاطىء أثناء رسمه للخرائط، و أخبره أن طائرته قد تعرضت لهجوم و إحترقت. إرتابت جدتى و شعرت بقلق مشروع فسألته إن كان قد تحقق من بطاقته الشخصية، فأخبرها أنه فقد كل شىء يثبت هويته مع الطائرة الُمُحترقة .. و لامت جدتى على جدى حسن نيته و سألته معاتبه:
- "إفرض كان إسرائيلى يا أبو نبيل؟! .. دى عملة تعملها؟!"
 
فأجابها أنه إستجار به فأجاره .. و أنا هذا واجبهم فى ظرف كهذا .. 
 
إبتلعت جدتى مخاوفها و تجرعت خلفها عدة أكواب من حسن الظن و الإيمان و التوكل على الله؛ فكان ذلك كفيلاً بأن يجلى صفاتها الأصيلة من كرم و شهامة و صلاح أصل، و  إبتعدت عنها تلك الهواجس المشروعة تجاه الوافد الغريب. 
 
و حل الطيار ضيفاً مكرماً بمنزل جدى إسبوعاً كاملاً. ترك له جدى غرفته، و كان يبيت و زوجته و أولاده الثلاثة بغرفة الأولاد. و بعد إسبوع، تمكن الطيار من الإتصال بقيادته و العودة إلى القاهرة. و قبيل مغادرته، ودع جدى وداعاً مؤثراً، و قال فى حقه ما يستحق من إشادة و تقدير مؤكداً له أنه لن ينسى له هذا الموقف أبداً طوال عمره. و أعطاه عنوانه بالقاهرة مترجياً إياه أن يقصده فى أى أمر يضطر لقضاءه فى العاصمة.
 
كنت دائماً ما أربط فى مخيلتى بين هذه القصة و الفيلم الكلاسيكى الجميل "فى بيتنا رجل". و جعلتنى قصة جدتى أتناول الفيلم بمنظور آخر. ترى مَن الـمقصود بوصف "رجل"؟ عمر الشريف بالطبع. لكن أليس حسين رياض "رجلاً" أيضاً بموقفه؟ و حين أقيس مع الفارق أوجه الشبه بين الفيلم و ماحدث فى بيت جدى، فإن الفخر يملأنى لإنتسابى لهذا الشهم، الوطنى، الأصيل.
 
رحمك الله يا جدى ..
رحمك الله يا رجل. 
 
 

التعليقات



من نحن - إتصل بنا - الإعلانات - خريطة الموقع - إدارة التحرير

 © Copyright  2012 Albalad Alyoum

Designed and Developed by SLSEG.Com , All Rights Reserved .