التاريخ : الثلاثاء 03 يناير 2017 10:43:03 مساءً
آفة تسرسبت بين ثنايا المجتمع ونشعت في الهواء حتى أصابت الكبير والصغير، خلعت عن الإنسان آدميته وقطعت نسبه بآدم، تكمن فى الحكم على الآخر من منظور الشيطنة والملائكية، ليكن شيطان أو ملاك، وليس آدمي يؤخذ منه ويُرد، ويحمل وجهي الحياة الخير والشر .. آفة بالغة النقص والسوء، نقص الوعي وسوء الظن.
تنامت هذه الآفه مع الفضول السماعي للمجتمع لا المعرفي وإقرار الأحكام وفق السمع بأُذن الآخرين وسيطرة اللعينة (قالوا) على أغلب الموضوعات بدلاً من السماع بأذنك أنت والتدبر بعقلك أنت، فلربما يستخلص عقلك ما لم يستطع عقل الناقل إليك استخلاصه مما نقل ..
الفضول المعرفى يقربك أكثر لمنابع الإعتدال ومن ثمَّ الإنصاف، حيث تتكشف لك حقيقة الإنسان كلما قرأت عن أحوال السابقين والحاضرين، تتبع مجريات الأحداث عبر الأزمنة وكيف أن حافلة الزمن استقلت الكثير من الشخصيات والأفعال الإيجابية والسلبية الصادرة كلها من نفوس حملت خاصتي التزكية والتدسية معاً، لم تنفرد إحداهما بنفس قط، قد يغلب إحداهما على سلوكها ولكن لا تنفرد به أو تتوحد فيه، فالتزكية التامة تعني الملائكية والتدسية التامة تعني الشيطنة !
بعدما استفحلت السوشيال ميديا علينا وداهمتنا جميعاً بلا استثناء صرنا كما قال أبو الفوارس شهاب الدين الشاعر المشهور (ما للناس فى حيص بيص) ـ أى فى شدة واختلاط واختلاف ـ زادت آفة الشيطنة والملائكية عبر ألسنة المرددين دون تريث وإعمال عقل فيما يقال أو يشاع خاصة بعد الثورات والفورات والهرج وأوقات (الزيطة) التي تعتمد على اللغط والحشد الإلكتروني والإندفاع ..
لا أناشدك بألا تكره فلان او علان فالقلوب يقلبها الله، ولست بحالم لأتغافل عن عواطف القبول واللفظ، الحب والكره، ولكن أريد إدراك العواطف والأحكام تحت طائلة البشرية، وأحرضك على النهل من جميع مناهل الفكر والإنسانية، وارد وبديهي أن تختلف مع مثقف أو صاحب رأى فى مسألة ما، في الوقت نفسه يمكنك أخذ حكمة من ثقافته وخبرته فى الحياة تضيف لك وتستند إليها وقد تغير مجري حياتك، لذا أحثك على التحليل والتدبر لِما تسمع لتستند في كرهك وحبك على أسباب بُنيت تحت مظلة العقل لا الألسنة النقالة والأُذن المطيعة..
إذن ما الحل؟! .. الحل فى إرساء فضيلة الإنصاف، الإنصاف المتجلي فى الحديث الشريف (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ) ظالماً أى تمنعه عن ظلم الناس وبالطبع المنع يأتى قبله الإعتراف بوقوع الظلم ومن ثمَّ إنصاف المظلوم ولو كان العدو .. الإنصاف يجعلك تقر بصحة ما يعرضه المخالف لك فى مذاهب الحياة الشتي (سياسياً وثقافياً ودينياً) إن قال حقاً، لا تكابر من أجل مخالفته فتسلك مسلك التكبر لتُرصع نفسك بنياشين الملائكية وترمى بمخالفك إلى هوة الشيطنة ..
لا أنت بملاك ولا مخالفك بشيطان بل إنكما حبتان من حبات عِقد البشرية التي يؤخذ منها الخير ويرد إليها الشر ولا يفصل فى إختلافها إلا الله.
ولنا لقاء مادام لرزق الكلمة بقاء ..
|