التاريخ : الجمعة 14 سبتمبر 2012 11:11:36 صباحاً
وحدة الكون وارتباط أجزائه بدقة شديدة وتأثر بعضها بالبعض الآخر على مر العصور، يؤكد على وحدانية الخالق المبدع، ويعطينا الإشارات الواضحة الجلية التي تحثنا على الإهتمام بزملاء الحياة الذين يشاركوننا في هذا الكون البديع من بداية الخلق وحتى نهايته.
إن الإستدامة هي النسيج الغير مرئي، الذي يربط الحاضر بالماضي وبالمستقبل أيضاً، وهو مصطلح جديد في بلدنا هذه الأيام ، قد عرفته منذ فترة (ليست بالبعيدة) دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي ارتباط التنمية بالإستدامة ليُكوِّنا الرؤية العصرية للإنسانية هذه الأيام، معلنة عن تطوير المفاهيم الإقتصادية والإجتماعية والبيئية في العالم.
إن القرارات التي اتخذها أجدادنا حول كيفية زراعة الأرض لا تزال تؤثر على الممارسات الزراعية حتى يومنا هذا، والقرارات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نأخذها اليوم سوف يكون لها مردوداً مؤثراً على أولادنا وأحفادنا في المستقبل، يجب علينا إدراك ذلك جيداً، وأشير هنا إلى وصف تقرير لجنة برنتلند (التابعة للأمم المتحدة) لعام 1987 مفهوم التنمية المستديمة على أنه " التنمية التي تلبي الإحتياجات الحالية دون المساس بقدرة أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتها"
اليوم تأخذ "جامعة هليوبوليس للتنمية المستديمة" تلك الجامعة الوليدة الكائنة في أول طريق القاهرة بلبيس الصحراوي، زمام المبادرة وتضع رؤيتها في "السعي نحو التنمية المستديمة للإنسان والمجتمع والبيئة"، من خلال التدريس والبحث والممارسة في آن واحد، وتحدد أهدافها وفقاً لتلك الرؤية الحضارية، التي تسهم في تخريج قادة المستقبل الذين يعيشون تلك الرؤية، من أجل التفكير واتخاذ القرارات والعمل بكفاءة وفاعلية في مختلف المجالات التي يحتاجها المجتمع.
تأتي الجامعة ضمن اطار المجتمع الإنساني "سيكم" كما أطلق عليه مؤسسه الدكتور إبراهيم أبو العيش الحائز على جائزة نوبل البديلة عام 2003 أو ما يعرف بجائزة Right Livelihood ، لتكون حلقة الوصل بين إحتياجات المجتمع وبين الشركات التي تعمل في المجال الإقتصادي القائم على الزراعة الحيوية ومنتجاتها المتنوعة، مع مراعاة ما أودعه الله في البيئة وفي الإنسان من تناغم دون أي تدخل كيميائي أو افساد.
التعليم والبحث العلمي يلعبان دوراً محورياً في عملية التنمية المستديمة (الإقتصادية والإجتماعية والبيئية)، مما يجعل التركيز عليهما وتطويرهما أمراً شديد الأهمية، لذا يجب الإهتمام بمفهوم التنمية المستديمة في جميع مراحل التعليم في بلدنا لتمكينها من إعداد وتأهيل جيل جديد يستطيع التفاعل مع مستجدات العصر بكفاءة وفاعلية، كفيل بتحويل مصر إلى دولة متقدمة في أسرع وقت، ولضمان مستقبل الأجيال القادمة من خلال الإستخدام الحكيم لمواردنا الطبيعية.
تحديات التنمية المستديمة في العالم يأتي على رأسها البطالة، نقص المياه العذبة و التغير المناخي، بالإضافة إلى ذلك لدينا في مصر المزيد من التحديات في مجالات كثيرة، فتحديات مجال الصناعة مثلاً نجدها في:
• الإستخدام المفرط في المواد والطاقة والمياه
• زيادة الإنبعاثات الملوثة للهواء
• فرص التدريب المحدودة للعاملين
كما توجد تحديات كثيرة في مجالات أخرى مثل مجال الزراعة، التجارة، الإقتصاد، التخطيط العمراني، التعليم والبحث العلمي، الكهرباء والطاقة، الموارد الطبيعية، النقل والمواصلات، البترول، التنمية الإدارية، الإعلام، السياحة، القانون، البيئة ....... تلك التحديات يجب ترتيب أولوياتها انطلاقاً من خصوصية كل منطقة على حده، لتشترك جميعها وتتكامل وتتناغم مع البيئة المحيطة كما خلقها الله.
إن التنمية المستديمة ليست ترفاً ولا رفاهية وأنها لا تعني تدمير الموارد الطبيعة والبيئة المحيطة، بل هي ضرورة ملِحَّة للمحافظة على الموارد والبيئة لنحقق مشيئة الله في خلق الله، فلندعم ونساند كل فكرة تحاول النهوض ببلدنا الحبيبة، حيث أن العمل الجماعي وروح الفريق هي المحرك الأساسي للنهضة المجتمعية ولنجعل من ثورة 25 يناير منطلقاً نحو التنمية المستديمة والحياة بالجودة المطلوبة لنا وللأجيال القادمة.
|