وصلتنى لاحقاً نسخه أصليه موقعه من المستشار الغريانى لمسودة الدستور. و رغم قناعاتى الثابته تجاه القضيه، قررت أن أتحلى بالموضوعيه و ألتزم الحياديه قبل إبداء رأيى و إصدار حكمى النهائى. فأقبلت على القراءه بقلب مفتوح و عقل متمعن و ضمير لا ينبض سوى بإسم مصر. و قلت لنفسى: "لعله خير". و لكن مع شديد الأسف ما قرأت لا يبشر بذلك!
و تتلخص اهم مواطن العوار فى الدستور – من وجهة نظرى المتواضعه التى قد تصيب أو تخطىء – فيما يلى:
• الماده (10): "تحرص الدوله و المجتمع على الإلتزام بالطابع الأصيل للأسره المصريه". كلمة المجتمع كلمه مطاطه تفتح المجال لتدخل سافر مِن قِبل مجموعات من الأفراد تمنح أنفسها الوصايه على خلق الله!
• الماده (14): "يجب ربط الأجر بالإنتاج"!! فى معظم بلدان الدنيا يتم ربط الأجر بعدد ساعات العمل و هذا أقرب للإنصاف لأن جودة المنتج فى مصرنا الغاليه تحكمها إمكانيات مؤسسيه و إجراءات تشريعيه مؤثره و تقع خارج إطار تحكمى كفرد فمالكم كيف تحكمون؟!
• الماده (18): "لا يجوز التصرف فى أملاك الدوله إلا بناء على قانون". فمَن يضمن لى ألا يصدر قانوناً غداً – و ما أسهل ذلك حالياً – بالتصرف فى قناة السويس لصالح (س) و ترك سيناء لأجل (ص)؟!!
• الماده (59): "تخصص الدوله نسبه كافيه من الناتج القومى للبحث العلمى". فى البلدان و الدساتير المحترمه تحدد نسبه من الموازنه كحد أدنى كميزانيه للبحث العلمى و لا يترك الأمر على عواهنه هكذا فأى نسبه ضئيله تخصصها الدوله مقبولة دستورياً هنا! و هو الأمر ذاته الذى تكرر مع الماده (62) الخاصه بميزانية الرعايه الصحيه!
• الماده (62): "التأمين الصحى يكون بالمجان لغير القادرين". عبارة فضفاضه تسمح بالتلاعب فى تحديد ماهية غير القادر!
• الماده (70): "يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمى فى أعمال لا تناسب عمره". و هل هناك أعمال أياً كانت تناسب الطفل فى هذا العمر؟!
• الماده (96) تنص على ما يسمى ب الأغلبيه الخاصه لإقرار صحة التصويت بمجلسى الشعب و الشورى!! لم أفهم الحاجه لهذا الإستثناء!!
• الماده (131) تحمل تناقضاً غير مفهوماً حيث تنص أنه فى حالة غياب مجلسى الشعب و الشورى، يجوز لرئيس الجمهوريه أن يصدر قرارات لها قوة القانون تعرض على مجلسى الشعب و الشورى!! كيف ستعرض القوانين على المجالس الغائبه بنص الفقره؟!!
• فيما يتعلق برئيس الجمهوريه، يخلو الدستور من أى إلزام له بتعيين نائب!
• تتناقض المادتين (147) و (165) حيث تنص الأولى على أن "يعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين و العسكريين و يعزلهم" بينما تنص الثانيه على أن "يحدد القانون السلطه المختصه بتعيين الموظفين المدنيين و عزلهم". أيهما أصدق؟!!
• الماده (149): "لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبه أو تخفيفها". لماذا؟! و إذا كانت العقوبه قد تم توقيعها بمقتضى قانون، فلماذا يكون لرئيس الجمهوريه الحق فى إنتهاك القانون؟!
• الماده (193) و (197) شبه متطابقتين، فالأولى تحدد ملامح ما يسمى بمجلس الأمن القومى و الثانيه تتحدث عما يعرف بمجلس الدفاع الوطنى! و أرى ان تشكيل المجلسين و مهامهما شبه متطابقه و لا أفهم الداعى لتلك الإزدواجيه.
• الماده (204) تتحدث عما يسمى بالمفوضيه الوطنيه لمكافحة الفساد. و لم توضح كنه الفساد و لا أساليب مواجهته. و الماده برمتها هلاميه غير مفهومه تثير الشكوك و المخاوف حول الإجتهاد فى تفسيراتها.