التاريخ : الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 08:07:26 مساءً
على عكس ما عشت أعتقد طوال عمرى ..
لقد إكتشفت أن أبشع إحتمال قد تواجهه ليس عندما يموت لك عزيز ..
بل عندما تفقده بإرادته حياً!!
إنه نوع أخر من الموت حين يسقط أحدهم سقوطاً أخلاقياً مروعاً من عينيك .. مخلفاً فى حدقتك دمعة غاليه، و فى قلبك طعنة نافذه و فى وجدانك صدع هائل غير قابل للرأب.
فالموت الطبيعى بمعناه المعروف قدر قاسٍ يقتضى فراقاً بينك و بين شخص ما .. إرادة عليا لا يد لك و لا له فيها. و الآلام الناجمه عن هذا النوع من الموت للطرف الفاقد تتفاوت فى شدتها و فى مدتها على حسب درجة الإرتباط و السمات النفسيه لمَن بقى على قيد الحياه، إلا أن الزمن كفيل فى كل الأحوال على الأقل بأن يعلمك كيف تتعايش معها و تألفها و تقبلها كجزء من "مفرمة" الحياه و ضرائبها واجبة الدفع.
أما أن يموت أحدهم عمداً قبل الأوان بأوان إثر سقطة أخلاقيه فى حقك، فالأمر يختلف إختلافاً تاماً ..
الألم فى حالة كهذه موجع بحق، و الكارثى فى الأمر أن مرور الأيام لا ينسيك إياه و لا يخفف وطأته، بل على العكس، يزيده تأججاً. و يزداد الأمر سوءً إذا كنت من تلك النوعيه من البشر التى لا تترك هامش تخوين أو نسبة شك فى مَن أمامها أو مِن أولئك الذين يظلمون أنفسهم إرضاءً للآخرين؛ صدمة الموت الأخلاقى إذ تحدث لهؤلاء، تكون مضاعفه و مأساويه بشكل يرثى له.
لا تنتظر منى وصفة وقايه أو (روشتة) علاج لهذا الداء العضال الذى أسهبت فى تشخيصه .. فلا أظن أن هناك ما يمكنك القيام به لتلافى الصدمه فى شخص ما .. ببساطه لأنك لو من هؤلاء الرومانسيين المثاليين الذين يضعون ثقتهم فى الغير دون نقصان، فلن تصدق كلامى حتى تجربه بنفسك! و حتى لو صدقته، و حاولت تدريب نفسك مسبقاً على ترك مسافة شك بينك و بين الغير، ستفشل فشلاً ذريعاً لأن تكوينك النفسى لن يمكنك من ذلك. و هناك سبب أخر يجعل تعرضك لهذا الموقف شر لابد منه: أن الناس ليسوا ملائكه، و كثير من النفوس قد ألهمها الله فجورها و حتماً ستقابل أصحابها ذات يوم، أو حتى تكتشف أنهم كانوا بجانبك عمراً بأكمله قبل أن يموتون بسقطة أخلاقيه تأتيك دائماً و أبداً من أخر شخص تتوقع له تلك الميتة البشعه!
كل هذه الثرثره لا تهدف لإضفاء المزيد من الكآبه على مزاجك أيها القارىء .. حاشا لله .. يكفيك ما أنت فيه من إعلانات دستوريه و إشاعات و إستفتاء و دستور و عك وطنى لا أول له و لا أخر! .. إنما الهدف أن تضع فى إعتبارك أن أحداً ليس فوق مستوى الشبهات .. و السقطات الأخلاقيه تصيب الجميع بلا أى إستثناء .. تذكر كلامى هذا جيداً .. لعله يخفف عنك عندما تقع الواقعه!
|