التاريخ : الجمعة 20 يوليو 2012 04:07:07 مساءً
حالة الفوضى التي تخرج لسانها لكل من يرتاد الشارع المصري.. صخب، ضجيج، أزمات مرورية، بلطجة، اختطاف، اغتصاب، تحرش، شغب، إشغال طرق، مخالفات "وكأنه مولد وصاحبه غائب"، فليس من المنطقي أن يقضي المواطن في الشارع ساعات طويلة من الإرهاق النفسي والجسدي وتحمل نفقات زائدة ليصل إلى عمله أو منزله أو أي مكان يريد التوجه إليه منهكاً ومنهاراً.
وعلى الرغم من قيام ثورة يناير بشعارها البسيط والعميق في آن " عيش، حرية وعدالة إجتماعية" إلا أن الكثير من أبناء الشعب قد فهموا معنى الحرية بصورة خاطئة، قد يكون ذلك لعدم ممارستهم لها وتمتعهم بها من قبل، إلا أنه يتوجب علينا إدراك أن تلك الفوضى التي يعيشها الشارع المصري "الذي لم يعد شارعاً ولا مصرياً" ستقودنا نحو نفق مظلم لن نستطيع الخروج منه بسهولة، وستكون تبعاته شديدة البلاء.
لا أحد يفهم شيئاً، ولا أحد لديه رؤية قابلة للتطبيق تخرجنا من هذا المنزلق الخطير، فكل المعطيات التي نراها اليوم تثير قلقنا ومخاوفنا، وهناك الكثير من المشاهد اليومية الصارخة لتلك الفوضى منها:
• عدم التزام سائقي الميكروباص بقواعد المرور والقوانين، فتجدهم يقفون فجأة وسط الطريق لتحميل الركاب، ويقفون عند مطالع ومنازل الكباري ويحددون لأنفسهم مسارات خاصة، ويتعاملون مع الركاب باستخفاف شديد، وقد وضعوا أيديهم على المناطق المجاورة لمحطات المترو وحولوها لمواقف عشوائية، كان الله في عون المواطنين الذين يقطنون تلك الشوارع فهم لايعرفون معنى الراحة في بيوتهم من فرط الإزعاج والتوتر والتلوث وأعمال البلطجة والتعديات الصارخة.
• إنتشار الباعة الجائلين واحتلالهم الأرصفة والميادين العامة والشوارع الرئيسية والحدائق، ضاربين بالقوانين عرض الحائط وكأن تلك الأماكن العامة أصبحت محلات مرخصة لهم وكل ذلك على مرآى ومسمع من رجال شرطة المرافق المعنيين بإزالة تلك الإشغالات، وامتد الأمر إلى أصحاب المحلات والأفران والمقاهي لإفتراش الرصيف أمام محلاتهم وربما امتدوا للشارع أو الرصيف المقابل.
• مخلفات المباني وأكوام القمامة المتكدسة في مختلف مناطق القاهرة وجميع المحافظات المصرية، والتي لم تخل منها حتى المناطق الأثرية، مثل سور مجرى العيون الذي تم بناؤه من 800 سنة لإمداد القلعة بما تحتاجة من المياه، والذي يعامل كمقلب قمامة بما يحتويه من فئران وزواحف وحشرات.
• التوك توك "الدراجة ذات الثلاث عجلات" أغلبها يسير بشكل غير قانوني ويتخذ من الشوارع الجانبية موقفاً له وكأنها سوق عشوائي، ويتولى قيادته صبية صغار السن لم يتعلموا القيادة وليس لهم بالطبع رخصاً مما يسبب الكثير من الحوادث والبعض منهم يستخدم في الجرائم مثل السرقة الخطف.
• قتل وسفك الدماء بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما حدث في مدينة السويس من اعتداء أودى بحياة طالب كلية الهندسة، إن الدين الإسلامي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالقتل، وهذا الإتجاه من الحوادث قد تكرر في محافظات عديدة، معلناً عن الفوضى الفكرية التي تسبب الإنحراف والتطرف.
• اللافتات الكبيرة والإضاءات المبهرة بغير نظام، حتى أسماء المحلات التجارية فقد تحولت إلى منافسة للركاكة والإبتذال في عدوان صارخ على الذوق العام دونما رقيب أو ضابط وما أكثرها مثل العبيط والطفس وتلوث , .... فوضى عارمة مليئة بالقبح والإسفاف.
• العمارات ذات العشرة طوابق التي انتشرت وبشدة في المناطق المزدحمة بالسكان، مما يسبب بدوره الضغط على المرافق التي لم تخطط أساساً لهذا العدد الهائل من الشقق، وينتج عنه بالتبعية انقطاع الكهرباء والمياه وعدم تحمل شبكات الصرف الصحي بالإضافة إلى ازدحام الشوارع.
• ظاهرة إغلاق الشوارع بسرادقات الأفراح والمآتم وأصواتها العالية من خلال مكبرات الصوت التي تستخدم بمنتهى قلة الذوق وعدم مراعاة الآخرين، ماذا لو أن سيارة الإسعاف التي تحمل المصابين للمستشفيات تريد المرور؟ وماذا لو أن طالباً يريد استذكار دروسه لدخول الإمتحان؟ وماذا لو .....
الشعب المصري سعيد بما حققته ثورة 25 يناير من إنجازات أطاحت بالفساد السياسي والاقتصادي، ولا يرضي أن توصف ثورته بأنها فتحت أبواب الفوضي، تلك الجريمة النكراء التي يدفع ثمنها المجتمع بأكمله، وتتطلب لمواجهتها فكراً جديداً يقدر خطورة التمادي فيها، يكمن في التعاون والتضافر فيما بين مؤسسات الدولة وجميع أفرادها، للعمل معاً كفريق واحد، لوضع نظاماً جديداً، فيه من الردع ما يلزم، وتوفير البديل الملائم للمتضررين، و نشر الوعي عن طريق الإعلام ودور العبادة والعمل على اكتساب ثقة المواطنين بالإلتزام بالوعود، والإحتفال بتحقيق الأهداف قصيرة الأجل مع المواطنين وتوجيه الشكر للمتميزين منهم حيث أن المواطنين هم القوة المحركة الأساسية التي لا يجب تحييدها عند تنفيذ أهداف أي نظام، فالمهمة صعبة وثقيلة وتحتاج لآراء وأفكار متنوعة، لعلنا نستطيع أن نترك لأولادنا وأحفادنا وطناً راقياً نفتخر به على الدوام.
|